عاقبة الحسد
ورد أن رجلا ترك ولدين بعد مماته وخلف لهما مالا فاقتسماه وتصرف كل منهما
في حقه فاشتغل الابن الأصغر في التجارة وأخلص لله في عمله وكان كثير التصدق
لايبخل على عباد بنعمة تجارته وازدادت أمواله وأصبح ذا ثروة طائلة ولم يكن له
أعداء , لذلك كانت أمواله محصنة لايؤثر فيها الحسد , أماالابن الآخر فقد سلك طريق
الغواية حتى أهلك ثروته ونفدت أمواله عن آخرها وأصبح فقيرا لايجد ما يقتات به , ومع
ذلك كان أخوه كثير العطف عليه ويحرص على إيوائه ويقدم له ما يكفيه .
ولم يكتف هذا بعطف أخيه عليه بل أخذالحسد يتمكن من قلبه لأخيه , وفكر في طريقة
يضيع بها ثروة أخيه حتى يصير مماثلا له في الفقر , وبذلك يطمئن قلبه فلا يعيره الناس
بفقره , ويشيدون بسمعة أخيه فصار يجتهد للوصول الى تنفيذ غرضه الدنىء وأخيرا اهتدى
بإيعاز من ابليس الى رجل حسود اشتهر بحسده وقليل من القوم من نجا من حسده .
وكان الحسده ضعيف البصر لا يكاد يرى إلا عن قرب , فذهب الأخ الأكبر الى هذا الرجل
المشهور بحسده وطلب منه حسدأموال أخيه مقابل أجر يدفعه له عند هلاك ثروته . وأخذه
الى طريق كانت تمر منه تجارة أخيه فنبه الأخ الأكبر الرجل الحسود قائلا: استعد قربت
تجارة أخي وصارت على بعد ميل واحد من هنا , فقال الرجل الحسود :"يالقوة بصرك أتراها
على هذا البعد!" فشعر صاحبنا بألم في رأسه وأظلمت عيناه وعمي في الحال وسارت تجارة
أخيه سالمة لا يمسها سوء ."أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة , ومن كل عين لامة.