بسم الله الرحمن الرحيم
رمضان في فلسطين مجهودي
يقضي الفلسطينيون شهر رمضان المبارك بصورة تختلف تماما عنها في سائر بلاد العالم، إنهم يقضونه تحت قصف المدافع وأزيز الطائرات وهدم المنازل، فنفحاته المباركة تعكرها قذائف المدفعية وطائرات الأباتشي (الأمريكية الصنع)، وتقطعت زيارات الأرحام فيه جراء تقطيع الاحتلال أوصال الأراضي الفلسطينية بحواجزه البغيضة؛ التي تجعل من التنقل والحركة مغامرة قد تكلف المرء حياته. وبدلا من الزينة التي تعود الفلسطينيون استقبال الشهر الفضيل بها، أصبحت صور الشهداء والمعتقلين هي التي تزين جدران المدن والقرى والمخيمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهذه بعض المشاهد لرمضان في فلسطين المحتلة :
أسامة أبو أمونة (41 سنة) يقف فوق ركام منزله الذي هدمته جرافات عسكرية صهيونية فجر اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، حيث جرى اقتحام لمخيم خان يونس بالدبات التي ترافقها الجرافات حيث تم اغتيال فلسطيني وإصابة 15 آخرين وتدمير العديد من المنازل. وقف أبو أمونة على ركام منزله وهو يحتضن اثنين من أطفاله التسعة وبجانبه زوجته ووالديه العجوزين، يحاول عبثا احتباس دموعه وحوله العديد من جيرانه يهدئون من روعه.
ألفت الرزاينة (26 سنة) قررت أن تعتكف في منزلها مع أطفالها الخمسة الذين تجرعوا يتما جديدا مع يتمهم (حيث قضى أبوهم شهيدا، ثم استشهد زوج أمهم) قالت والدموع تنهمر من عينيها: "لا أدري كيف سأجلس على مائدة الإفطار مع أطفالي ؟ ... رمضان في هذا العام سيفتح جروحي التي أحاول أن أتظاهر بشفائها منذ اغتيال زوجي الأول في منتصف شهر رمضان في عام 1996م ... إن عزائي الوحيد في هذا الشهر أنه شهر عبادة، وستسنح لي الفرصة للذهاب إلى المسجد للصلاة والاستماع إلى الدروس والمواعظ لعلها تخفف جزءا من آلامي التي أدعو الله عز وجل أن يكون شهر رمضان بلسما لهذه الجراح" .
أعمال تدمير المنازل تتواصل بشكل دوري روتيني ففي الخامس من رمضان تقتحم الدبابات المصحوبة بالجرافات مدينة رفح وتدمر العديد من المنازل وتشرد أهلها، ويتكرر المشهد في اليوم السابع وهكذا دواليك.، والآن مئات الأطفال والنساء يبيتون ليلهم في العراء!!
أهالي بلدتي (بيت فوريك) و (بيت دجن) يضطر العديد منهم للإفطار على الحواجز الصهيونية، حيث يرتبط أكثر من ألفي مواطن من البلدتين بمدينة نابلس إما للعمل أو للدراسة، وفي طريق العودة يضطر العديد منهم للانتظار ساعات طويلة على الحواجز الصهيونية حتى يسمح لهم الدخول وفي الغالب لا يسمح لهم بذلك إلا بعد موعد الإفطار إمعانا في إذلالهم وحرمانهم من مشاركة أهليهم طعام الإفطار، ومن يحاول الالتفاف عبر طرق جانبية ملتوية فإنه سيكون معرضا لإطلاق النيران بغرض القتل.
في سابقة خطيرة تقوم قوات الاحتلال الصهيوني بمنع مواطني بلدة حوارة من أداء الشعائر الدينية وصلاة التراويح وذلك منذ بداية شهر رمضان الفضيل.
مدينة نابلس تعاني من نقص حاد في المحروقات بكافة أنواعها بسبب منع سلطات الاحتلال الصهيونية من إدخالها إلى المدينة منذ عدة أيام، مما أدى إلى توقف معظم المصانع عن العمل.
استشهاد 5 أطفال وجرح 15 طفلا في قطاع غزة أثناء ذهابهم إلى مدارسهم نتيجة لانفجار ألغام أرضية زرعها المستوطنون حول مستوطناتهم.
استمرار مسلسل الاغتيالات الجبانة التي تطال نشطاء الانتفاضة والمقاومة ، وكان على رأسهم خلال الفترة الماضية الشهيد القائد البطل / محمود أبو هنود قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية المحتلة.
وبعد ،،
هذه بعض المشاهد لما يحدث في فلسطين المحتلة في هذا الشهر الفضيل، هذا الشهر الذي عرف أروع المعارك الإسلامية، فهو شهر الجهاد في سبيل الله تعالى، شهر أعز الله المسلمين فيه، فكانت أولى المعارك (بدر الكبرى) وكان الفتح الأعظم (فتح مكة) وكان تحرير بيت المقدس (بعد طول أسر).
فهل يكون شهر رمضان الآن بداية حقيقية جادة للعودة الصادقة لله عز وجل ؟
وهل يكون فرصة لتأكيد عدم تنازل المسلمين عن أرض الإسراء والمعراج ؟
وهل يكون سبيلا لبذل الوسع لتحرير الأرض وتطهير العرض ؟
أسئلة تبحث عن أجوبة. وكلنا مطالب بالجواب الذي يرضي الله تعالى.