آيات الله في الذبــاب
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73) .
لقد كشف العلم الحديث العديد من الخصائص التي يتمتع بها الذباب عن غيره من الحشرات فمثلاً يمكن أن تسير الذبابة بسهولة على الأسطح المائلة أو تقف ثابتة على السقف لمدة ساعات . فأقدامها مجهزة للوقوف على الزجاج والجدران والسقوف، وإذا لم تكن كلاباتها كافية، فإن الوسائد الماصة الموجودة على أقدامها تؤمن وقوفاً مناسباً على السطح، وتزداد قوة هذه الوسائد بإفراز سائل خاص .تستخدم ذبابة المنزل " الشفة " من الجزء الفموي لتذوق الطعام قبل تناوله .
و الذباب دون الكثير من المخلوقات يهضم خارج جسمه، ويكون ذلك بإفراز سائل هاضم على الطعام، يفكك هذا السائل الطعام ويحوله إلى سائل تستطيع الحشرة امتصاصه، ثم تنتقل الشفة الغذاء الموجود على السائل على جسمها بواسطة الشفة أيضاً التي تحول السائل إلى الخرطوم المتصل بها .
تعتبر ذبابة المنزل ظاهرة على درجة كبيرة من التعقيد في البداية تقوم الذبابة بمعاينة الأعضاء التي ستستخدمها في الطيران، ثم تأخذ وضعية التأهب للطيران وذلك بتعديل وضع أعضاء التوازن في الجهة الأمامية، وأخيراً تقوم بحساب زاوية الإقلاع معتمدة على اتجاه الريح وسرعة الضوء التي تحددها بواسطة حساسات موجودة على قرون الاستشعار ثم تطير . إلا أن هذه العمليات مجتمعة لا تستغرق أكثر من 1/100من الثانية، فهذه الذبابة قادرة على زيادة سرعتها حتى تصل إلى 10كم /سا .
لهذا السبب يطلق على الذبابة "سيدة الطيران البهلواني " كاسم محبب، فيه تسلك أثناء طيرانها مساراً متعرجاً في الهواء بطريقة خارقة، كما يمكنها الإقلاع عمودياً من المكان الذي تقف فيه، وأن تحط بنجاح على أي سطح بغض النظر عن انحداره أو عدم ملائمته . ومن الخصائص الأخرى التي تتمتع بها هذه الحشرة السحرية وقوفها على الأسقف . فحسب قانون الجاذبية يجب أن تقع إلى الأسفل، إلا أنها خلقت بنظام خاص يقلب المستحيل معقولاً .
أضغط على الصورة فوق وشاهد اللقطات الرائعة التي التقطت لعين الذبابة بالمجهر الإلكتروني ولا تتردد في ذلك
يوجد على رؤوس أقدامها وسادات شافطة تفرز هذه الوسادات سائلاً لزجاً عندما تلامس السقف . تقوم الحشرة بمد سيقانها باتجاه السقف عندما تقترب منه، وما إن تشعر بملامسته حتى تستدير وتمسك بسطحه، تحمل ذبابة المنزل جناحين يخرج نصف كل منهما من الجسم ويحملان غشاءً رقيقاً جداً يندمج مع الجناح . يمكن أن يعمل كل من هذين الجناحين بشكل منفصل عن الآخر . مع ذلك فهما يتحركان عند الطيران إلى الأمام والخلف على محور واحد . كما هي الحال في الطائرات ذات الجناح الأوحد . تتقلص العضلات المسؤولة عن حركة الأجنحة .
تتكون عين ذبابة المنزل من 6000بنية عينية سداسية يطلق عليها اسم " العوينات "، تأخذ كل من هذه العوينات منحى مختلفاً: إلى الأمام أو الخلف، في الوسط ،فوق وعلى جميع الجوانب، يمكن أن ترى الذبابة كل ما حولها من جميع الجهات، بتغير آخر، يمكن أن تشعر بكل شيء في حقل رؤيا زاويته 360 درجة، تتصل ثمانية أعصاب مستقبلية للضوء بكل واحدة من هذه العوينات، وبهذا يكون مجموع الخلايا الحساسة في العين حوالي 48000 خلية يمكنها أن تعالج 100صورة في الثانية .
تستمد الذبابة مهارتها الفائقة في الطيران من التصميم المثالي للأجنحة . تغطي النهايات السطحية والأوردة الموجودة على الأجنحة شعيرات حساسة جداً مما يسهل على الحشرة تحديد اتجاه الهواء والضغوط الميكانيكية عند القلاع وتنبسط عند الهبوط، وعلى الرغم من أنها تقع تحت تحكم الأعصاب في بداية الطيران، إلا أن حركات هذه العضلات مع الجناح تصبح أوتوماتيكية بعد فترة وجيزة .
تقوم الحساسات الموجودة تحت الأجنحة والرأس بنقل معلومات الطيران إلى الدماغ، فإذا صادفت الحشرة تياراً هوائياً جديداً أثناء طيرانها، تقوم هذه الحساسات بنقل المعلومات الجديدة في الحال إلى الدماغ، وعلى أساسها تبدأ العضلات بتوجيه الأجنحة بالاتجاه الجديد، بهذه الطريقة تتمكن الذبابة من الكشف عن وجود أي حشرة جديدة بتوليد تيار هوائي إضافي . والهرب إلى مكان آمن في الوقت المناسب . تحرك الذبابة جناحيها مئات المرات في الثانية، وتكون الطاقة المستهلكة في الطيران أكثر مئة مرة من الطاقة المستهلكة أثناء الراحة . من هنا يمكننا أن نعرف أنها مخلوق قوي جداً، لأن الإنسان يمكنه أن يستهلك طاقته القصوى في الأوقات الصعبة ( الطوارئ ) والتي تصل إلى عشرة أضعاف طاقته المستهلكة في أعمال الحياة العادية فقط . أضف إلى ذلك أن الإنسان يمكنه أن يستمر في صرف هذه الطاقة لبضع دقائق فقط كحد أعلى، على عكس الذبابة التي يمكنها أن تستمر على هذه الوتيرة لمدة نصف ساعة، كما يمكنها أن تسافر بهذه الطاقة مسافة ميل وبالسرعة نفسها .
المصدر : كتاب التصميم في الطبيعة تأليف الكاتب التركي هارون يحيى